عام جديد وآمال جديدة | خواطر عن عمر مضى ومستقبل قادم
January 26, 2021
مع انتهاء عام 2020 وبداية 2021.. إليكم سر صغير ربما يفيد البعض.
من المهم أن تعرف أن تأتي بورقة وقلم وتكتب أهدافك وأحلامك مرة أخرى كما تفعل تمامًا مثل كل عام، ربما لا تقوم بتنفيذ كل هذه الأهداف، والبعض لا يقوم بتنفيذ أي منها على الإطلاق، ولكن تعوّد دائمًا على المحاولة ولو كانت كل يوم، وتذكر أنه دائمًا يمكنك البدء من جديد.
دائمًا ما يساورنا شعور الإخفاق والفشل، وربما كانت 2020 عام سئ للعديد من الأشخاص نظرًا للظروف وتوقف الأعمال، بل والأهداف أيضًا لدى البعض.
بين لحظات وأخرى، من المؤكد أن نشعر بالحزن كثيرًا هذه الأيام، ولاسيما بيننا نحن الشباب، فمعظم ما يحدث لنا ورائه أسباب عديدة، أهمها السوشيال ميديا، فدائمًا ما نرى أصدقاء لنا أو آخرين بنفس العمر ناجحين بحياتهم العملية أو العلمية أكثر منّا، ولكن لا أحد يعلم مدى الجهد أو الإرهاق الذي بذلوه للوصول لذلك، فالسوشيال ميديا لا تعرض لك إلا نتائج الأمور، وليس ما وراءها من هزائم أو عواقب ومشكلات.
لا تتبع أبدًا أبدًا منشورات السوشيال ميديا وما وراؤها، فأنت لست مُطالَبًا بالعمل بأكثر من وظيفة، ولست مطالبًا بالنوم 5 ساعات فقط، أو أن تكون ناجحًا دائمًا مثل هؤلاء الذين نراهم ونتابعهم على السوشيال ميديا. فالنجاح ليس معناه أن تعمل دائمًا بدون راحة وأن تقوم بشيء مختلف، ليس من الضروري أن تقوم بتغيير في العالم والكون والمجتمع، يكفي فقط أن تقوم بتغيير حقيقي بسيط في داخلك وفي من حولك. ليس من الضروري أن تقرأ 100 كتاب في السنة، وليس من الضروري أن تتعلم لغة جديدة كل فترة، المهم فقط أن تعمل ما تحب وتترك أثر بسيط ومفيد، ولو في نفسك أنت ومن حولك، ليس أكثر.
يجب أن تتعلم تقبّل الآخرين مهما بلغ بك الاختلاف في العلم والدين والجنس والسلطة. من الجميل أن تكون صريحًا مع نفسك، وأن تعلم أن هذه الدنيا لم ولن تتوقف عليك، ولا تعتمد أي شخص آخر. البعض منا يظن أنه المختار الذي نعتمد عليه جميعًا، وأن لديه قيمة كبيرة لدينا، بل وفي بعض الأحيان يّود لو أن ينسحب لنشعر بقيمته، فالمعظم للأسف يقيس قيمته بالحياة بمدى ارتباطها بالناس وحاجتهم إليه. قيمة الإنسان يا عزيزي هي ما يظن هو بنفسه، وليس ما يعتقده الناس عنه، وينطبع ذلك على تصرفاته وثقته بنفسه وحسابه الدقيق لنفسه وتصرفاته. وقالها منذ فترة الدكتور عصام مصطفى -وهو طبيب جراح من أصول مصرية يقيم بالولايات المتحدة-: "يا عزيزي.. لا تعطي لنفسك قيمة لا تستحقها في العلاقات البشرية.. واحرص على علاقتك بمن حولك.. وتذكر دائما أن كل البشر يمكن استبدالهم، حتى أنت.. وستعلمك الحياة أن من قاطعتهم لتعلمهم درسًا لا يتذكرون الآن من أنت أصلًا.. ولا يعرفون شيئًا عن المعارك والخزعبلات والتهيوءات التي تدور بذهنك المريض.. وستتعلم أن من حاولت تلقينهم درسًا بمنع صداقتك وحبك الجارف ونصائحك الذهبية عنهم.. كانوا يتمنون من سويداء قلوبهم ان تختفي من حياتهم، فاختر لنفسك واعرف قيمتها واحرص على علاقتك بالبشر تكن أسعد الناس.
يجب أن تعلم أن رأس المال الحقيقي للإنسان هو وقته وشخصه وعلاقاته، وليكن هدفك في السنة الجديدة هو كيفية الحفاظ على وقتك من أي مشتتات من أعمال أو أشخاص. وأيضًا العلاقات، وليس المقصود تلك الخاصة بالعمل فقط، ولكن العلاقات الشخصية والعاطفية المتمثلة في الأهل والعائلة والأصدقاء والأشخاص المحيطين بك.
يقول جبران خليل جبران "لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل..
إذا صمتّ.. فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت. أنت إنسان وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة".
أما أنا.. فتُربكني الحياة الرتيبة المملة، اليوم الذي تعرفْ تفاصيله قبل أن يبدأ حتى، الساعات التي تُهدر يوميًا دون شيء يُسعد الروح أو يُرتب النفس. اظفر بأصدقاء مطمئنين قدر الإمكان، تابع أشخاصًا يكسرون تلك الرتابة بنصوصهم أو إنتاجاتهم، التقط صورًا لطيفة عند الشروق والمغيب، اخلق نقاشًا وسط العائلة، اسهر مع أفضل الأصدقاء، كافئ نفسك عند أبسط إنجاز. فدائمًا ما أقول إنه أحيانًا بعض الأشياء الصغيرة فقط تقوم بإنقاذ أرواحنا مما تمر به.. طقس جميل تزينه الغيوم، ضحكة طفل صغير، كوب من القهوة الصباحية اللذيذة أو يوم إجازة من العمل يكفي فقط أن يعجلك سعيدًا باقي اليوم.
على مدار الأعوام الماضية.. تعلّمت السعي إلى أن أكون إنسان سوي وسليم نفسيًا بشتى الطرق، لأن من وجهة نظري هذا هو التحدي والنجاح الأساسي، فالنجاح أولويات وأنواع وهذا أولهم، ومن ثم خطط وضع أي هدف أو نجاح تريده.. سواء سفر أو دراسة أو زواج أو عمل ما.. إلخ. فما الفائدة من أن تكون أستاذًا جامعيًا أو طبيبًا أو رجل أعمال ناجح وأنت لست سويًا نفسيًا، أو تمتلك شخصية مضطربة، أو معقدة تعيقك عن حياة سليمة؟ فهنا يجب أن ندرك أن تكون سليمًا معافي نفسيًا هو الهدف رقم واحد.. وهو التحدي الأساسي في وقتنا هذا بالذات.. أن يحافظ الشخص على صحته النفسية، وأن يكون صريحًا كريمًا مسالمًا مع ذاته، ثم ضع أهدافك ونجاحك الآخر بعدها مباشرة.
تعلّمت أن أكون مواطنًا عالميًا Global Citizen وهنا المقصود ليس السفر لدول العالم أو العمل في شركة عالمية، ولكن الغرض هو التعلّم والمعرفة ومتابعة أخبار العالم، أن تهمك الأخبار والقضايا، أن تتابع ويكون عندك المعرفة، وأن تشعر أن العالم هو بيتك.. يهمك كل ما يحدث هنا وهناك. طبعًا ليس المقصود هو تحميلك بضغوطات فارغة وانشغالك بالقضايا عن نفسك، فهذا أمر تاني خاطئ من وجهة نظري، ولكن من المهم أن يكون لديك المعرفة اللازمة والمهمة لما يحدث في العالم من حولك.. أن تكون ملمًا بما يحدث، وتتابع وتشارك أيضًا في أي حدث إن كان الأمر يستدعي. يجب أن تكون قادرًا على التفاعل على مستوى عالمي مع أي شخص مهما اختلفت ثقافته وموطنه، تكون لديك مهارات المشاركة المدنية، التعاطف الثقافي، واحترام التنوع والآخرين مهما اختلفت دياناتهم، جنسهم، ثقافتهم، والقدرة على التوفيق بين الصراعات والتوصل إلى توافق في الآراء من خلال وسائل سلمية، بما في ذلك المناقشات والمفاوضات.
حتى تكون مواطنًا عالميًا يجب أن تهمك بعض القضايا التي تؤثر على جميع سكان العالم، مثل ظاهرة الاحتباس الحراري والتهديدات الإرهابية، والقضايا السكانية، الأوبئة العالمية، وأن تساهم في حل هذه المشاكل والقضايا وأنت في بيتك، شارعك، مدينتك بأبسط وأسهل الطرق التي تناسبك حسب بيئتك وإمكانياتك كما ذكرنا سابقًا.
أنهي مقالي بمقولة لأسعد طه "لقد تعلمت أن العالم مرآة، إننا نرى العالم كما نبدو وليس كما يبدو هو. هو بين ما تتغيّر أنت، تتغيّر الطريقة التي ترى بها العالم. لقد تعلّمت كذلك أن هناك مواسم لحياتنا، وأن الأوقات الأليمة لا تستمر، وثق أن شتاء حزنك سوف يمنحك ربيع سعادتك". فابدأ هذا العام بروح جديدة، ولا تيأس أبدًا من التخطيط والكتابة، احضر ورقة وقلم وشارك نفسك أهدافك المهنية والشخصية، ولعلها تكون هذه المرة هي المرجوة.