خواطر عن السوشيال ميديا

لا أعلم لماذا اكتب هذا المقال، ولكن ربما لشعوري ببعض الخوف تجاه العلاقات الناشئة من التكنولوجيا أو من مستقبل الأطفال أو ربما لتذكيري وتنبيهي دائمًا عن الحدود التي يجب أن اتبعها على مواقع التواصل الاجتماعي عند رؤية هذا المقال.

في نظري واحدة من أبشع النتائج للسوشيال ميديا هي الكسل والوهم بالمعرفة. لا يحتاج استخدام شبكات التوصل الاجتماعي أي مجهود، فانت تتحدث مع من تريد دائمًا في أي وقت وأي مكان سواء على السرير، في الشارع، حتى في الحمام...الخ. وكل هذا لا يساوي شئ بجانب وهم المعرفة، فبمجرد قراءة الناس لبعض الأخبار أو عناوين، يعتقدون أنهم يعلمون ويفهمون في كل شيء، دون الحاجة للبحث والتعلم والمجهود الذاتي.

قرأت منذ فترة أن أثناء وجودنا على مواقع التواصل الاجتماعي يفرز جسمنا الدوبامين وهو مسئول عن السعادة، فعند الحصول على رسالة من شخص ما غالبًا ما تشعر بالسعادة، فتعتاد على هذه المادة دائمًا، التي من الممكن أن تكون ادمانًا، وبدونها تكون شخص غير طبيعي. وعند الشعور بالحزن فتذهب لمحادثة أشخاص للتحدث عبر الشات ما بينكم في أي شي، فقط لمجرد المحادثة لا أكثر، لأنه غالبًا شعور رائع تشعر به عند الحصول على إجابة من هؤلاء الناس، فالانسان بطبعه كائن اجتماعي - وبسبب السوشيال ميديا أصبحت الحياة الاجتماعية عبر الشات فقط غالبًا. أيضًا بعض مدمنين هذه المواقع تتابع الاعجابات والتعليقات لمنشوراتها، فإذا حصل على اعجابات قليلة من الممكن أن يفكر أنه لا يوجد شخص يحبه، بل الناس أصبحت غير مهتمين به مما يؤدي الى صدمات نفسية بعد ذلك. أصبحت علاقتنا نسبة كبيرة منها سطحية، بل ويفتقر الكثيرمنا لتكوين ما هو مفهوم بعلاقات صداقة عميقة. أجل الكثير منا يمرح مع أصدقائه، ولكن هل يمكنك الاعتماد عليه دائمًا؟ ويرجع ذلك غالبًا لفقد العديد من المهارات الحياتية.

أيضًا عند الشعور بالجهد والضغط، أصبح الكثير منا لا يلجأ لشخص معين للتحدث معه، بل أصبح اللجوء لجهاز أو موقع التواصل الاجتماعي للإفصاح عن الضغط أو الحزن، والذي يصاحبه ربما بعض التعليقات (الرسمية) من الأصدقاء. فغالبًا ما يكون الأشخاص الذين يقضون وقتًا كثيرًا على هذه المواقع يعانون باكتئاب وضغط أكثر ممن يقضون وقتًا أقل عليه. واعتقد أن الجلوس ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي، يحرم الناس من تعلم أو تنمية أي مهارة حقيقة، بل هو السبب الرئيسي في ذلك.

أيضا التسرع في العمل وتحقيق الأهداف. الكثير يعتقد إنه إذا لم يحقق فكرته وهدفه - الذي ربما يتطلب سنة أو أكثر - في شهر أو اثنين فإنه فاشل، كثيرًا ما سهلت علينا السوشيال ميديا الطرق والوسائل، بل ورسخت في أدمغتنا أن النجاح يمكنك الحصول عليه بمجرد التخرج أو البدء، وذلك عند رؤيتك لقصة نجاح أحدهم الذي غالبًا لا تعلم عن ما أعناه في الوصول لهذه المكانة، فالنتيجة؟ المزيد من الاحباط والضيق لمجرد اننا اشخاص عاديين ننجز الأهداف في وقتها الطبيعي!

أخيرًا بالطبع انا لا أقلل من أهميتها، وكم من الممكن أن نستفيد منها، بل في الواقع كم المقدار الذي استفدت به شخصيًا من المواقع، ولكن كل ما أريده هو أن نقلل منها، أن نتعلم كيف يمكننا أن نعيش حياة حقيقة مع أصدقائنا، فقد مللت من هذه العلاقات والمحادثات الرسمية.

© 2021 all rights reserved.